المخرجة مي مصطفي تلقت تهديداً مباشراً من أكثر من جهة بعد خلعها الحجاب "مقابلة"

أعلنت المخرجة الموريتانية، مي مصطفى، عن خلعها الحجاب، وتخليها عن “الملحفة”، وهو الزيّ التقليدي الذي تتمسك به غالبيّة الموريتانيات، ما اعتبره الكثيرون خروجاً عن أخلاق وثقافة المجتمع الموريتاني. ونشرت مي صوراً لها على صفحتها على فيسبوك بعد خلعها الحجاب. وكتبت باًنّها أصبحت نفسيّاً أكثر صحة وتصالحاً مع نفسها، بل أكثر من ذلك، إذ إنّها نسيت تماماً بأنها كانت مُحجّبة.

“العربي الجديد” حاورت المخرجة الشابة التي تعتبر أوّل امرأة في موريتانيا تعلن تخليها عن الحجاب.

ما الذي دفعك إلى اتخاذ قرار خلع الحجاب؟
ولدت ونشأت خارج موريتانيا بين تونس وليبيا. وهذه التربية منحتني الفرصة لأرى الأمور بوضوح، وأكوّن قناعات وأفكاراً وانتقادات للعادات والتقاليد، رغم احترامي للعادات التي لا تؤثر على الحريات الشخصية. وخلال إقامتي في موريتانيا، حافظت على ارتداء “الملحفة” طوال الوقت، لأنها جزء من العادات العامة للمكان، فمن غير الطبيعي خلع “الملحفة” في موريتانيا، لأن خلعها سيؤدي إلى تصادم مع المجتمع، خاصة أنني أنتمي لقبيلة تعتبر من القبائل المحافظة جداً في موريتانيا. أما عن الدوافع، فلا توجد دوافع مُعيّنة جعلتني أخلع الحجاب. بل إن هذا القرار جاء عن قناعة تامة مني. وأشير هنا إلى أني درست الشريعة الإسلامية من أول صف دراسي، حيث كان توجيهي إلى المدرسة الإسلامية، وهذا القرار لم يأت اعتباطيّاً، ولا بين ليلة وضحاها، بل جاء بعد تفكير كبير في الموضوع أفضى إلى قناعة تامة. كما أني لم أتخلَّ عن الملحفة، بل ما زلت أعتز بها، وقد ارتديتها خلال تكريمي من طرف وزارة الثقافة المصرية قبل شهرين من الآن، وسأرتديها في الوقت الذي أراه مناسباً، لأني أمثل بلدي، والملحفة جزء من ثقافة بلدي، وأنا أعتز بها. لكني ضد الملحفة عندما تكون مفروضة علي، أو عندما يجب علي ارتداؤها غصباً عني، هنا، تتحول إلى نوع من الدكتاتورية، بدل أن تكون جزءاً من تراث البلد.

كيف كانت ردة فعل محيطك الاجتماعي؟
محيطي الاجتماعي رافض للموضوع بشكل لا نقاش فيه، وقد كان قراري صادماً لعائلتي، كوني فتاة من قبيلة معروفة ومحافظة جداً. أتفهم ردة فعل محيطي الأسري والمجتمع ككل، لأني أعرف أنه من الصعب على المجتمع تقبل خطوة كهذه، غير أني مصرة على مواجهة المجتمع، ومن عادتي حين أتخذ قراراً أن أواصل فيه. وردة فعل محيطي على قراري التخلي عن الحجاب، كانت مشابهة لردة فعله حينما اتّخذت قراراً باحتراف السينما قبل سنوات من الآن.
أما متابعي على مواقع التواصل الاجتماعي، فهم منقسمون إلى قسمين، موريتانيون وعرب. أيّد بعض الموريتانيين القرار، فيما سكت عنه بعضهم، واختار آخرون مهاجمتي ووصفي بأبشع الأوصاف، وهو الأمر الذي يؤسفني بأني تلقيت تلك الأوصاف من أبناء بلدي. أما متابعي من العرب، فقد أيدوا القرار، ودافعوا عنه، معتبرين أن خطوتي بالتخلي عن الحجاب مسألة شخصية.

هل تلقيت تهديداً مباشراً بعد قرار التخلي عن الحجاب؟
نعم، تلقّيت تهديداً مباشراً من أكثر من جهة. تهديدات قانونيّة مثلاً، إذْ هددني بعض الأشخاص برفع قضية ضدي بتهمة إشاعة الفاحشة بشكل علني. وهذه هي نفس التهمة التي وجهت للفنانة، ليلى (مريم) مولاي، حينما ظهرت في الفيديو كليب قبل فترة. وهذه التهمة لا توجد في القانون بشكل مباشر، لكنها موجودة ويمكن تفعيلها، لأن القانون الموريتاني غير واضح في ما يتعلق بالحريات الشخصية، لهذا يتم الالتفاف عليه، خاصة في ما يتعلق بقضايا الحريات الشخصية وقضايا المرأة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى تلقيت تهديدات من طرف بعض الأشخاص بالقتل حالما أعود إلى موريتانيا.

أنت الآن تقيمين في مصر، هل يمكن أن تسافري إلى موريتانيا من دون حجاب؟
أنا الآن أقيم في مصر بشكل مؤقت. وحينما أتأكد أنه إذا ما عدت إلى موريتانيا من دون حجاب، لن أتعرض لمتابعة قانونية أو مضايقات من شكل آخر، وحين أتأكد أنه لن يتم قتلي من طرف المتطرفين من قبيلتي ومن القبائل الأخرى، فيمكنني أن أعود، فموريتانيا بلدي وجزء مني، وأنا جزء منها، وأنا أعتز بوطنيتي.

نواكشوط ــ خديجة الطيب
alaraby.co.uk