عندما يتحول المنصب إلى غنيمة وتُفرّغ الصلاحيات من معناها..

في مشهدٍ يثير الاستغراب ويبعث على الدهشة، تتداول أوساط محلية مراسلات رسمية صادرة عن ,الولاية لبعض الإدارات تدعو فيها إلى دعم مهرجانٍ بعينه ماديًا، وكأنّ المال العام بات مزرعةً مفتوحة للمحاباة والمجاملة، لا حرمًا تُصان فيه القيم والمبادئ الإدارية.

هذا السلوك لا يمكن اعتباره مجرد خطأ بروتوكولي أو اجتهادٍ إداريٍ عابر، بل هو تجاوزٌ صريحٌ للقانون وللصلاحيات، وتطاولٌ على مهامٍ موكولةٍ حصريًا لسلطة الولاية، التي يمثلها والي الولاية بصفته الممثل الرسمي لرئيس الجمهورية، والمشرف على تنسيق عمل الإدارات والمؤسسات العمومية.

كيف يُعقل أن يتجرأ ممثل الإدارة الإقليمية
على إصدار مثل هذه الطلبات التي تحمل طابعا رسميا الي الادارات يطالبهم من خلالها بتقديم الدعم المادي للقائمين على تنظيم مهرجان وليد ؛ أهو ضعف في الفهم الإداري أم طغيان نزعة الطمع التي أصبحت، مع الأسف، السمة الغالبة لدى بعض من يتقلدون المسؤولية العامة؟

لقد تحوّل المنصب لدى كثيرين إلى وسيلةٍ للارتزاق المعنوي والمادي، لا إلى أداةٍ لخدمة الوطن والمواطن. والنتيجة: تشويه لصورة الإدارة، وتآكل للثقة في المؤسسات، وفتحٌ لباب الفساد المقنّع باسم “المبادرات” و“الدعم الثقافي”.

الوالي، بحكم موقعه ووزنه الدستوري، ليس مجرد موظف سامٍ؛ بل هو الضامن لهيبة الدولة في ولايته، والمكلف بحماية المال العام من العبث، والساهر على تطبيق توجيهات رئيس الجمهورية على أرض الواقع. من هنا، فإن تجاوزه أو تهميش دوره يُعدّ مساسًا بمبدأ وحدة السلطة وتماسك الدولة.

إنّ ما تحتاجه الإدارة اليوم ليس مهرجاناتٍ تُستغل لتلميع الوجوه وتبذير المال، بل مسؤولين يؤمنون بأن المنصب تكليفٌ لا تشريف، وأن خدمة المواطن أقدس من التصفيق للمهرجانات التي لا طائل من ورائها.

لقد آن الأوان لأن يُفعَّل مبدأ المحاسبة بصرامة، وأن يُفهم جيدًا أن الطمع الذي استشرى في نفوس بعض المسؤولين هو أول أسباب فشل الإدارة، وأن احترام القانون يبدأ من احترام حدود السلطة.
#نواذيبو اليوم
#تابعونا