فسادٌ إداري وغطرسةٌ بلا حدود: قصة مدير حول مؤسسة وطنية إلى إقطاعية خاصة!!.

في مشهد يعكس أبشع صور التغول الإداري والفساد المالي، تترنح مؤسسة المكتب الوطني للماء في الوسط الريفي تحت وطأة ممارسات مدير حولها إلى ضيعة خاصة، مستندًا إلى شبكة علاقات نافذة تستمد قوتها من ارتباط وثيق بالوزير الأول، وهي علاقة لم يخفِها المدير يومًا، بل ظل يتبجح بها، مُعلِنًا أمام الملأ أنها صكّ الأمان الذي يقيه من المحاسبة.

فصل تعسفي واستقدام على أساس الولاء

منذ تولي المدير الحالي لمنصبه، بدأت حملة “تطهير” داخل المؤسسة، لكنها لم تستهدف الفساد، بل طالت الموظفين أصحاب الكفاءة والخبرة، ممن عرفوا بنزاهتهم وجرأتهم في قول الحقيقة. تم فصل العشرات تعسفيًا، وأُبعد آخرون من مواقع المسؤولية تحت ذرائع واهية.

في المقابل، تم استجلاب موظفين جدد لا يملكون أدنى المؤهلات أو الخبرات، لكنهم يشتركون في عامل واحد: الولاء الأعمى لشخص المدير. هؤلاء تم تعيينهم في مراكز حساسة داخل المؤسسة، وتُركت لهم مسؤوليات كان من المفترض أن تسند إلى أصحاب الكفاءة والمهنية.

نهبٌ علني للمال العام بلا حسيب ولا قريب .

المدير لم يتورع عن اقتناء سيارة فارهة على حساب المؤسسة، ليس لنفسه فقط، بل أيضًا لرئيس مجلس الإدارة السابق، والذي أُهديت له السيارة مكافأةً على ما يبدو لدوره في التغطية على تجاوزات المدير. هذه الخطوة شكلت قمة الاستخفاف بالمال العام، ورسخت ممارسات الولاء مقابل الامتيازات على حساب القوانين واللوائح.

بعثات تفتيشية… تُجمدها العلاقات الشخصية

في أكثر من مناسبة، طالب موظفون وناشطون ووسائل إعلام بفتح تحقيق شامل في خروقات هذه المؤسسة، ودعوا إلى إرسال بعثة تفتيشية للوقوف على التجاوزات الصارخة. لكن طلباتهم جُوبِهت بالتجاهل، في ظل حماية سياسية واضحة يُوفرها ارتباط المدير بالوزير الأول، وهي علاقة أصبحت تمثل حصانة غير معلنة تُغطي الفساد وتعرقل المحاسبة.

عبودية مقنّعة وظروف عمل مهينة قاسية.

ما تبقى من موظفين داخل هذه المؤسسة يعيش تحت وطأة الترهيب والتهديد المستمر. ظروف العمل باتت أقرب إلى العبودية المقنعة، إذ يُجبر العمال على الصمت والانصياع خوفًا من الفصل أو التهميش، في بيئة تفتقد لأبسط مقومات الشفافية والعدالة المؤسسية.

نداء للرأي العام والسلطات الرقابية

إن ما يجري داخل المكتب الوطني للماء في الوسط الريفي لا يُمثل فقط خرقًا إداريًا، بل هو نموذج مصغر لكيف يمكن أن تتحول مؤسسات الدولة إلى أدوات فساد تخدم المصالح الشخصية، تحت حماية شبكة محسوبية سياسية عليا.

ندعو السلطات الرقابية، ومؤسسات الشفافية، وكافة المعنيين بالشأن العام، إلى تحمّل مسؤولياتهم وفتح تحقيق جاد ومستقل، واستدعاء كافة الأطراف المعنية، ووضع حد لهذه الممارسات التي تنخر هيبة الدولة وتُجهز على ما تبقى من ثقة المواطن بمؤسساتها.

ترقبوا قريبا نماذج صارخة من الفساد الإداري والمالي في المكتب الوطني للماء في الوسط الريفي.